في سوريا يعتمد الفلاح في عيشه على ما تجود به أرضه في كل موسم، إلا أن ظروف الحرب القاسية دفعته للبحث عن طرق جديدة لاستثمار الأرض بالشكل الأمثل الذي يعوض عن نقص الغذاء وصعوبة العيش وفي سبيل تحقيق أكبر عائد للمحصول. إحدى الطرق العلمية التي يعتمد عليها الفلاح في زيادة الإنتاج هي طريقة الزراعة البينية.
الزراعة البينية هي ممارسة زراعية معروفة في الزراعة المستدامة، والميزة الرئيسية لهذه الزراعة هي زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتاحة وزيادة إجمالية في إنتاجية المحاصيل، مقارنة مع زراعة محصول واحد. ومثال ذلك زراعة المحاصيل البقولية في المساحات الموجودة بين الأشجار المثمرة والتي تعود على التربة بفائدة كبيرة من حيث تجديد خصوبتها، كما يعدّ إدراج البقول في نظم المحاصيل المتعددة، مثل الزراعة البينية أو تناوب المحاصيل البسيط، مهماًّ بالنسبة لإدارة مغذيات التربة إدارة مستدامة، ولتحسين بنية التربة، وخطوة هامة نحو ممارسات زراعية أكثر استدامة. وهو في غاية الأهمية بالنظر إلى ضرورة تكثيف الإنتاج الغذائي وفي الوقت نفسه استخدام الموارد الطبيعية أفضل استخدام وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وفي ريف حمص الشمالي الذي عانى من آثار الحرب القاسية وما يزال يعاني من ظروف الحصار وصعوبة إدخال المواد الأولية للزراعة، أطلقت مؤسسة إحسان مشروع دعم الزراعات البينية في قرى الرستن وتلبيسة في ريف حمص لتقديم الدعم لـ 400 عائلة بمشروع الزراعات البينية بين الأشجار المثمرة لزراعة ما يزيد عن 1100 دونم عن طريق تزويد المزارعين بالمدخلات الزراعية (بذور، أسمدة، مبيدات) وتقديم خدمة فلاحة الأرض بالمحراث بالإضافة إلى دعم جزئي للري. حيث يهدف المشروع إلى دعم الشرائح الأكثر ضعفاً والوصول إلى المناطق المحاصرة في سوريا لتعزيز صمود السكان وتحسين الوصول الآمن للغذاء فيها.
وتجري مؤسسة إحسان ندوات تدريب حقلي للمزارعين ضمن مشروع الزراعات البينية، بهدف زيادة الخبرة العملية بتطبيق أفضل الممارسات الزراعية الحديثة في خدمة المحاصيل البقولية وأشجار الزيتون. ويغطي التدريب بشكل عملي كافة المواضيع المتعلقة بطرق الزراعة الحديثة واستخدام الآلات ومواعيد البذار والتسميد ومكافحة الأمراض وتقنيات الري الحديث. الحاج أبو صالح الذي كان حاضراً في الندوة تحدّث عن الدافع لحضوره: ” بإمكاننا انتظار سلة المساعدات الغذائية، أو بإمكاننا زراعة ما نحتاجه بإيدينا. بالنسية لي فأنا أفضّل أن آكل مما أزرع في أرضي. ولأن المزارع عندما بقدم الأفضل لأرضه ويرعاها بالممارسات الزراعية الصحيحة فإنها ستعود عليه بمحصول أفضل وخير أكبر.”
وتأتي هذه الندوة التدريبية بعد أن تمكن فريق المشروع من إنجاز المراحل السابقة بنجاح والتي تضمنت في البداية مرحلة تسجيل المزارعين ضمن قوائم المشروع ومن ثم إجراء جولات التفقد الحقلي وعمل التجارب القياسية لاختبار جودة البذار والأسمدة قبل توزيعها على المزارعين، جرى بعدها اختتام مرحلة الحراثة لحقول المزارعين ورش الأسمدة ونثر البذار التي تم توزيعا سابقا للمزارعين تحت إشراف المهندسين الفنيين وأخذ القياسات المعيارية وفق الأساليب الحديثة للحراثة والبذار.